يستعد العالم لجولة جديدة من المواجهة مع كورونا، المتحور الأخطر من Covid-19 الذي بدأ من جنوب افريقيا بحلة جديدة وببروتين مختلف، هذا المتحور الجديد وغيره من التحورات لا احد يدري عنها في اليمن، لا احد يهتم، الناس يذهبون للمستشفيات والوفيات تزداد بين حين واخر، بسبب اعراض تتعلق بأمراض الجهاز التنفسي، الأسواق مزدحمة وكأن الحياة طبيعية، كأن لا شيئ يحدث، من يمرض يذهب للمستشفى، وان توفى تفتح صالات العزاء ويزدحم المعزون حتى وإن علموا أن سبب الوفاة يتعلق بكورونا.
ربما في أواخر مايو 2020 وحين وصلت الموجة الاولى من الفيروس الى اليمن، احتاط البعض، ونفدت مسكنات الحرارة وفيتامين سي من الصيدليات، وحتى من يُعرف أنه مصاب بالفيروس، يخاف منه الناس وكأنه مصاب بأحد الأمراض المنقولة جنسيا، ومن الطريف أنه كان في حال تم الكشف عن حالة او اصابة تأتي قوة من الشرطة لتفرض حضر على منزل المصاب، واثناء الحضر يتناول رجال الشرطة وجباتهم من المنزل المحظور، لكن سرعان ما عاد الوضع لطبيعته وتصالح الناس مع الفيروس ومرضاه، فيزرون المريض ويعودوه وكأنه مصاب بأحد الامراض المزمنة.
منذ الموجة الاولى في 2020 نسي الناس موضوع الفيروس،أصبح كأحد الامراض الموسمية، فمن يصاب لا يعتقد ولا يصدق انه كورونا، قليلون من يدخلون العناية المركزة، او من يستطعون تحمل نفقاتها.
وصلت اللقاحات، لم يهتم لها أحد باستثناء من يرغبون بالسفر او اصبحوا ملزمين باللقاح، كنت غريبا بينهم حين تلقيت جرعة اللقاح دون حاجتي للسفر، الأغلب يفكرون بنظرية المؤامرة، ويصدقون الاشاعات ويحتفون بها وكأنها تأتي لتلقي بمزيد من المصداقية على المؤامرة.
يعيش 70% تقريبا من سكان المدن في اليمن على الأجر اليومي، ما يعني أن رب الأسرة إذا لم يخرج للعمل لن يستطيع إطعام أولاده، فيما لو تم فرض الاغلاق، ربما وزارتا الصحة في اليمن قد ادركتا هذا. لم يتم فرض الإغلاق وحظر التجوال الا في حالات محدودة، أما في مناطق سيطرة حكومة الامر الواقع فلم يتم فرض الحظر اطلاقا، باستثناء فرض حظر تجريبي على بعض الحارات.
في ذروة الموجة الثانية في شهر مايو21 دخلت قسم الطوارئ في المستشفى الجمهوري بمدينة تعز، يختلط الحابل بالنابل، المرضى مع المرافقين، الوفيات مع المرضى، في مشهد لا يصدق، يبذل الاطباء جهودا كبيرة، يمكن وصفهم بالفدائيون في ظل امكانيات بسيطة للوقاية.
حين نقارن الإجراءات في الدول الاخرى للتعامل مع كورونا والوضع في اليمن، لا يمكن توصيف الوضع إلا بعبارة " الله موجود في اليمن".
لا ننكر جهود المنظمات الدولية في المساعدة للتخفيف من الجائحة، والمنح التي قدمت من بعض الدول، لكن ذلك لا يمكن ان يقارن بجود تقدمها الدولة لمواطنيها، يعيش البلد أسوء أزمة انسانية في العصر الحديث (بحسب وصف الامم المتحدة) بسبب الحرب الدائرة منذ 2015، الدولة شبه مفقودة، انهيار اقتصادي غير مسبوق، القوة الشرائية ضعيفة للغاية، ربما تحويلات المغتربين ومساعدات الغذاء من المنظمات الدولية هي من تحافظ على ما تبقى من رمق.
نحن أمام وضع معيشي يستحيل وصفة ونقل الصورة عنه، يجب على العالم ان يضع حدا لهذه الماساة، يجب أن يفرض الحل السياسي على جميع الأطراف، يجب ان تتوقف هذه الحرب، وحده الشعب من يدفع الثامن الباهض والباهض جدا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق