هناك الكثير من المحتوى الذي يقدمه الاطفال في قنوات اليوتيوب، وغالبا هذا المحتوى لا يعتمد على تلقائية الطفل وهذا يعني ان يعمل الاطفال ساعات طويلة امام الكاميرا، وتحت ظغط الاخراج والتصوير،اضافة الى حفظ نصوص السيناريوا للمحتوى، وعمل كل ذلك يتطلب الكثير من المهارة و الجهد.
شخصيا وحين اخرج مع اطفالي في نزهة، وحين اريد أن ألتقط لهم بعض الصور للذكرى، اجد انهم ينزعجون منها، خصوصا حين يتطلب ذلك منهم الوقوف بطريقة محددة، وغالبا ما يمانعون وابذل جهدا في اقناعهم من اجل التقاط صورة سريعة، وحينها اتسائل عن وضع الاطفال الذين يقدمون محتوى في قنوات اليوتيوب او القنوات الفضائية، وكم من الوقت والجهد يبذلون من اجل ذلك؟ وهل يندرج ذلك في اطار عمالة الأطفال؟
تقول المادة 38-1 من اتفاقية حقوق الطفل : ( تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح ان يكون مضراً أو ان يمثل إعاقة ليتعلم الطفل أو ان يكون ضارا بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي).
كم الوقت الذي يمضيه الاطفال في التصوير؟
وهل يعي طاقم الاخراج والتصوير والاضاءة وغيرهم من العاملين في انتاج المحتوى بأن يتركوا الطفل يعمل في تقديم المحتوى وكأنه في نزهة او فسحة؟ وكيف يتعاماملون مع اخطاء الطفل امام الكاميرا؟
حين يستدعي الأمر سفر الطفل وإلتزامه بمواعيد ثابته ومحددة مسبقا هل كل ذلك يتحمله طفل تحت سن السابعة.
يقول الخبراء أن هناك اضرارا ومخاطر نفسية وبدنية واجتماعية على الطفل العامل، ومن اجل الحد من تلك الاضرار تم اقرار العديد من الاتفاقيات الدولية والاقليمية الخاصة بحماية الأطفال، وتلك الاتفاقيات تتعلق بالحد من عمالة الاطفال، المتمثلة في الاعمال البدنية والخشنة وغيرها، ومع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها موقع يوتيوب، والارباح التي يدرها من وراء مشاهدات المحتوى، ظهرت اعمال جديدة ناعمة للأطفال تتمثل بانتاج المحتوى للقنوات الخاصة بالاطفال وتحظى بمشاهدات عالية وتدر اموال هائلة، ما خلق سوق جديدة لعمالة الاطفال يمكن أن نسميها العمالة الناعمة.يظهر الطفل سعيدا مسرورا في المحتوى ولكن هل ما خلف الكواليس كذلك ؟
نحن امام قضية شائكة وتحتاج للدراسة والبحث للظروف التي يعمل بها الاطفال في انتاج المحتوى، خصوص مع الانتشار الواسع لقنوات الاطفال في اليوتيوب ، وامام اليوتيوب مسؤولية مهنية وأخلاقية كبيرة، تجاه هذه القضية التي قد ترتبط بعمالة الاطفال، والتي قد تتعارض مع اتفاقية حقوق الطفل، وهذه المسؤلية شاقة ، فكيف ليوتيوب ان يعرف او يتعرف على ظروف العمل للطفل في انتاج المحتوى في قناة ما، وهل تلك الظروف ملائمة ولا تندرج ضمن عمالة الاطفال؟ وهل سياسات اليوتيوب كافية للحد من اي استغلال للاطفال سواء من المنتجين او من اسرهم ؟
لا اعتقد ان سياسات يوتيوب كافية لحماية الاطفال من استغلال صناع المحتوى، ولكن وباعتقادي وللحد من هذه الظاهرة التي يقع ضحيتها الاطفال هو تخفيف العائد او الربح من محتوى قنوات الاطفال الى ادنى مستوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق